منتصف الشهر قصة درامية مثيرة

منتصف الشهر قصة قصيرة تحكي عن معاناة شخص في ظل الروتين اليومي الذي يعيش فيه بشكل متكرر بقلم/ أسماء أبو خلف
منتصف الشهر
استيقظ من نومه على نغمة المنبه المزعجة،لكنها ليست أكثر إزعاج من صوت زوجته النشاز وهي تُيقظ طفليهما، ثَئِبَ بخمول وأزال آثار النوم عن وجهه، وتحسس بيديه موضع نظارته على الكومودينه بجانبه، بعد وضع النظارة أصبحت الرؤية واضحة، لكنه تأفف منزعجا، الدولاب مفتوح الملابس تكاد تسقط منه مندفعة!
رأى زوجته تندفع بعصبية كعادتها، تبحث عن شيء ما دون أن تنظر له، وجدت مرادها كادت أن تغلق الباب خلفها وتذهب إلا أنه أوقفها قائلا بابتسامة : صباح الخير.. التفت إليه، انعقد حاجبيها لم تلاحظ أنه استيقظ سرعان ما تغير تعابير وجهها فبسطت ابتسامة مرح بتصنع! قائلة: صباح النور يا أبا عمر، دقائق واحضر الفطور، أجابها بخفوت قائلا: لا داع سأفطر بالعمل. لم ترد. غادرت وأغلقت الباب خلفها، وصله صوتها الغاضب: ألم تلبس بعد يا عمر..هيا أسرع تأخرت.
دلف للحمام يستحم ويتجهز للعمل، سمع صوت طرق على باب الحمام وصوت ابنه الصغير عامر: بابا أريد الحمام، بابا أريد الحمام، اخرج بسرعة، أمي ستعاقبني إن تأخرت عليها.
تأفف بضجر وأنهى حمامه سريعا خرج، فدلف الصغير وأغلق الباب بسرعة دون قول صباح الخير لأبيه هكذا ابتسم الأب ساخرا من فعل صغيره.
دخل غرفته، ارتدى ملابس العمل، مسك حقيبته وكاد أن يخرج حتى سمع صوت زوجته الهامس: أذهب أخبر أبيك، لمَ تخبرني أنا ليس معي مال!
تنهد بضيق وانتظر عدة دقائق فدلف ابنه الكبير عمر قائلا: بابا أريد خمسمئة جنيه احتاجهم للمدرسة!
لم يسأله لمَ؟ اعتاد الأمر!
شاهد: جدار اليقين قصة رومانسية حزينة
بحث في جيبه وحقيته لم يجد غير 300 جنيه بحث في الدرج حيث يضع مبلغ من المال للطوارئ ووجد ٤٠٠ أخرى، تنهد بارتياح وحمد الله، أعطى طفله خمسمئة جنيه ووضع مئة في جيبه وترك الباقي موضعه في الدرج خرج طفله سعيدا بعدما شكره، فابتسم له. كاد أن يخرج مجددا إلا أن أوقفه صغيره عامر قائلا: بابا أريد مئة وخمسين جنيه، لزي الحضانة فأنا الوحيد الذي لا أرتدي مثل زيهم الموحد! .
حسنا حبيبي قالها الأب، أخرج ورقة المئة من جيبه وأخرج ورقة خمسين أخرى من الدرج وأخذ الخمسين الأخرى معه تجنبا لأي عارض.
سعد الطفل وقبل أبيه على وجنتيه وذهب مسرعا.
تنهد الأب وخرج من غرفته قاصدا باب المنزل، فأوقفته زوجته، قبلت جبيته قائلة بابتسامة : يا أبا عمر كيف أنزل للسوق دون مال؟ نسيت أن تعطيني مصروف المنزل..
عبس مفكرا بانزعاج فماتت ابتسامتها، تعلم أنه يتحمل الكثير لكن ماذا تفعل؟!
أخرج ما معه، الخمسين جنيه المتبقية، أعطاها أربعين وترك عشرة! مصروف موصلاته هكذا قال لها، فحزنت قائلة: وكيف تأتي بالطعام؟ أنت لم تأكل.
فقال مبتسما’ أصدقائي كثر، سأكل معهم في العمل.
قصة منتصف الشهر
خرج للعمل حائر، تائه، مازال منتصف الشهر ولم يعد معه أي مال؟ فرك جبينه حينما شعر بصداع يفتك رأسه.
تمسك بحقيبته جيدا ونزل من “الميكروباص” وأكمل طريقه للعمل سيرا، وهو يفكر في كل شيء حتى بات لا يعرف فيمَ يفكر!
فاتورة الكهرباء، فاتورة الغاز وفاتورة المياه، قسط الشقة، قسط الثلاجة التي اشتراها حديثا.
تنهد بإعياء، وهو يفكر في الثلاثة آلاف التي يدين بهم لأخيه، كان عليه تسديده منذ أيام فشقيقه لا يكف عن محادثته وطلب حقه!
اشتد الصداع، شعر بدوار مفاجئ وهو يردد فاتورة الكهرباء، فاتورة الغاز، الثلاثة آلاف، منتصف الشهر مازال موعد الراتب بعيدا.
صوت ضوضاء، سائق يردد ليس ذنبي هو من أتى أمامي فجأة، لم أستطع تفاديه..
أصوات الناس تردد لا حول ولا قوة إلا بالله، بالتأكيد مات، نزف كثيرا.
رجل عابس الوجه، متعرق الجبين، يلبس نظارة يبدو أنها كسرت أثناء الاصطدام، ممدد في بركة من الدماء.
إلي هنا انتهينا من قصة منتصف الشهر.