اسلاميات

ما حكم الشماتة في الموت ؟

حكم الشماتة في الموت. يعد الموت من أعظم ما يقع بالعبد من الابتلاء. وعند المصائب يجب الاعتبار، والاتعاظ، والشماتة في الموت ليس خلقا إنساني ولا دينيا .

ما معنى الشماتة في الموت ؟

الشماتة هي:

أن يسعد ويفرح المرء بما يصيب عدوه من المصائب سواء كانت مصيبة الموت او المرض او مصيبة في الرزق والعمل.

وقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَوَّذُ مِنْ جَهْدِ البَلاَءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاء. البخاري [6347] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

شرح الحديث:

معنى يتعوذ من جهد البلاء: اي أن يستعيذ بالله سبحانه وتعالى من ان يبتلى بشيء يضره او بلاء يضره وان يسأل الله ربه العافية.

ودرك الشقاء: كونه يدركه شيء يشقيه ويوقعه في المعاصي والشرور، والشرك، والعياذ بالله.

وسوء القضاء: أن يقع في المعاصي وأن يبتلى بما حرم الله عليه.

وشماته الاعداء: كونه يقع في شيء من الابتلاءات يشمت به الأعداء.

فالمؤمن يستعيذ بالله من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء.

ما حكم الشماتة في الموت ؟

أولا: هل يجوز الشماتة في المسلم الظالم؟

اذا كان موت هذا المسلم الظالم يؤدي الى تقليل الشر والفساد ولا يحل محله ظلم أكبر. فإن الفرح بموته مشروع لأنه فرح بتقليل الشر والفساد واندفاع الظلم عن المسلمين.

فقد ذكر الزهري في التاريخ أن إبراهيم النخعي لما أخبر بموت الحجاج بكى من الفرح، ولما بلغ الحسن موته سجد

وفي حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:” العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب”

ومن هذا نقول ان الفرح بموت الظالم الفاجر من أجل ما يحدث  من زوال مفسدته فالفرح في موته مشروع.

هل يجوز الشماتة في موت المسلم الغير ظالم ؟

لا يجوز الشماتة في موت المسلم الغير ظالم.

وقد نهانا  الله سبحانه  وتعالى عن هذا  في قوله

” لَّا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَن ظُلِمَ”

أي إلا من وقع عليه ظلم من ظالم

وايضا في قوله  سبحانه تعالى:

یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا یَسۡخَرۡ قَوۡمࣱ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُونُوا۟ خَیۡرࣰا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَاۤءࣱ مِّن نِّسَاۤءٍ عَسَىٰۤ أَن یَكُنَّ خَیۡرࣰا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوۤا۟ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُوا۟ بِٱلۡأَلۡقَـٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِیمَـٰنِۚ وَمَن لَّمۡ یَتُبۡ فَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ﴾ [الحجرات ١١]

ونهانا الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله “لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك”، رواه الترمذي

وهذا أمر بالنهي الصريح بعدم الشماتة والفرح في مصائب العباد والتحذير من أن الله سبحانه وتعالى يعافي هذا العبد ويبتليك بمثل ما أصابه.

التوبة من الشماتة في الموت :

أن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة من العباد ويبدل سيئاتهم حسنات بشرط أن تكون هذه التوبة صادقة ويكتمل فيها شروط التوبة وأن تكون قبل موت العبد بزمن بحيث ان لا يدركه الموت ثم حينئذ يتذكر أن يستغفر ويتوب.

لقول الله سبحانه وتعالى:

“وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ”

فعلى المسلم أن يسارع في التوبة من السيئات والمعاصي وان يكون صادق النية عازما ألا يعود لهذه المعصية مرة أخرى. وان الله سبحانه وتعالى  يفرح بتوبة العباد كما ذكر في الحديث الشريف :

قال النبي ﷺ:” لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ”-أو قال: بتوبة عبده-” مِنْ أَحَدِكُمْ بِرَاحِلَتِهِ” -الراحلة هي البعير- “كَانَ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَأَضَلَّهَا” -يعني ضاعت عنه-” فَطَلَبَهَا فَلَمْ يَجِدْهَا، فَنَامَ تَحْتَ شَجَرَةٍ يَنْتَظِرُ الْمَوْتَ”-ضعفت قواه وخارت وانتهى اضطجع ينتظر الموت-“فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذَا بِنَاقَتِهِ مُتَعَلِّقٌ زِمَامُهَا بِالشَّجَرِةِ، فَأَخَذَ الزِّمامَ فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ”-يريد أن يقول: اللهم أنت ربي وأنا عبدك-” لَكِنَّهُ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ ”

ولقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتقوى في القول والعمل وأن نتوب إليه سبحانه وتعالى من قبل أن يأتينا الموت في قوله تعالى:

” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ” [آل عمران: 102].

ووعدنا سبحانه وتعالى جل جلاله أن يصلح لنا أعمالنا ويتقبل  منا توبتنا، وأن يدخلنا جناته بإذنه ورحمته في قوله تعالى:

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً” [الأحزاب: 70، 71]. هذا و رحمنا الله واياكم.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!