قصص وروايات

كتاب دفنت قلبي بقلم الكاتبة حنين رمضان

كتاب دفنت قلبي بقلم الكاتبة حنين رمضان اهداء إلى ذلك الرجل الذي أفنى عمره وضحى بصحته ليربيَني في صغري ويعلمَني. إلى من أحاطني بالحب والحنان،إلى قدوتي وقرة عيني وسبب سعادتي.
إلى من علمني الإيمان والإخلاص والوفاء. إلى أول من عرفه قلبي، وأول من همس صوته في أذني،إلى من كان دائمًا إلى جانبي وفي كل ظروفي.

كتاب دفنتُ قلبي بقلم الكاتبة حنين رمضان

يا أول من فتحتُ عينيَّ بين يديه، وأحاطني بأمانه ومحبته.
يا من صرف صحتَه لأجلي وخاف عليَّ.
وكم من مستشفياتٍ زارها ليطمئنَّ على صحتنا وسلامتنا!
وكم سها عن صحته، وربّانا على المحبة وطاعة الله.
كان لا يحرمنا من شيء، وكان نصحُه لأجلنا، وحين كبرنا تعلقنا به أكثر وأكثر، وخفنا عليه مثل خوفه علينا في الصغر.
ندعو الله ألّا يصيبَه أذى؛{ربِّ ارحمهما كما ربَّياني صغيرًا}.
كنا في سعادة حين كان معنا لكن لم نشعر بها، وكنا في حياة يحلم بها كل يتيم لكننا مع الأسف غافلون.

كتاب دفنت قلبي

خُذ عني يا عزيزي/تي: نحن في دنيا فانية، وكل شيء فيها سيزول، وفيها ما لا يُعوَّض.
فلا تبك على شيء سيعوضك الله بأحسن َمنه، فبعض النعم تستحق أن نبكي عليها؛ لأنها لا تُعوَّض، فما أبشع الرحيل!
أنت الآن في أكبر نعمة فلا تبكِ على سواها، استغلَّ وجودَها قبل رحيلها، استمتع بها.
فوالله ستفقدُ بعدَ رحيلها كلَّ لذة، سينكسر بفقدها ظهرُك، وستصبح الحياة لا تطاق؛ لأنّ من كان يبهجها اليوم قد رحل.
ستندم قليلًا، لا بل والله كثيرًا على كل شيء؛ على تقصيرك معهما، وعلى أشياء أردتَ أن تفعلها، وعلى كل كلمة وجملة وددتَ أن تقولها، ولن تنفعَك الدموعُ الآن، ستضيقُ بك الدنيا وتكرهُها بعد فقدانهما أو فقدان أحدهما.
إنهما الوالدان، سيصبح العالم من حولك ناقصًا.
لن تتلذذ بشيء؛ لأن كل معاني سعادة تكون في جوارِهم والجلوسِ والحديث معهم.
بعضنا يقصّر في حق والده؛ فهو لم يعرف قدر النعمة العظيمة، ولم يشكرِ الله عليها.
الوالد أساسٌ في وجود الأسرة، ويجعلها دائمًا في قمة السعادة والطمأنينة والأمان.
لا تهملوهما، وعاملوهما أحسنَ معاملة.
أدُّوا حقَّهما على أكمل وجه.

كتاب دفنت قلبي للكاتبة حنين رمضان

في وقت من الأوقات قد يغضب منك والدك، أو يقسو عليك، يجب عليك حينَها تحمّلُه، ولا يعني فعلُه ذاك إهانةً لك أو كرهًا؛فقد يظن بعضنا هذا الظن لاسيما إذا كان والدُه هكذا، فتتكوّن في ذهنه صورةُ عدمِ محبة والده له، أو أنه لا يريد بقاءه!
نعم، ربما أخطأ في رفع يده عليك، لكن لا يعني هذا أنه لا يريدك،وغالبًا. بل دائمًا يكون ضربُه لمصلحتك، وأنت أيضًا لا تكن سببًا في تعكير مزاجهما بعدم طاعتك أوامرَهما، أو أن تكون سببًا في مرضهما.
ولا تقل لي إن والديَّ يقيّدانني ولا يحبانني! فوالله إن حُبَّ الوالدين لا يقارَن بأي حبٍّ في العالم،ولا أحدَ من البشر مثلُهم. فأنت فِلذَةُ كبِدِهما التي تمشي على الأرض. وحبُّهم إياك فاقَ كلَّ وصف.
لو ندري أنهم يحترقون من أجلنا ومن أجل راحتنا وسعادتنا ما قصرنا في حقهم.
لا أحد يتمنى لك نجاحًا دون حسد ولا غيرة مثلهما، يريدانك أفضل منهما. ألا يستحق أن تعطيَهم كلَّ شيء؟
طاعتهم فرض وواجب علينا؛ فقد فضّلهم الله وقرن طاعته -سبحانه وتعالى-بطاعة الوالدين، عصيانهم وتركهم كبيرة كما في القرآن والسنة.
ففي تفسير قول الله تعالى:{يبلغن عندك الكبر} أي عندك أنت الذي تكون مصاحبهم وفي جوارهم، لأننا نحن أَولى الناس بقربهم في الحياة لاسيما عند الكبر، ويحتاجون إلى العطف منا مثلما عطفوا علينا ونحن في أحضانهم.
فلماذا تتركهما وتهجرهما وهما ما يزالان على قيد الحياة؟
هل تنتظر فراقهما كي تتحسر وتبكي؟
لن ينفعك الدمع حينها! هل تظن أنك ستجد بعد فراقهم حياة؟ لا أظن!

إذا سألوني ماذا تعني لي؟

سأجيب وأقول لهم من عمق كتاب دفنت قلبي: هو من قُربه راحتي،ومن يعلم سرّي، ويمسح دمعتي، هو من ينبض قلبي باسمه،ومن كان معي في أصعب أوقاتي.
هو من يفرح لفرحي، ويحزن لحزني.
هو من علمني سر الحياة.
هو من يشتاق إليَّ قبل أن أشتاق إليه.
هو من تضج المجالس بسيرته العطرة.
هو حبيبي، وقلبي، وقرة عيني.
هو حبي الأول، والثاني، والأخير.
هو مَن في جوارهِ أنسى همي وتعبي.
هو مَن ابتسامتُه تبعث فيَّ الروح حتى إن رأيتُها في منامي.
هو فِلذَةُ كبِدي، وقطعةُ روحي.
بل نبضي، ودمُ قلبي، وسنَدي، وفخري يا أبي.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!