قصص وروايات

ألم الظلمة قصة قصيرة مثيرة

القصة القصيرة الحزينة “ألم الظلمة” قصة حزينة بها الكثير من الأحداث تأتيكم باللغة العربية الفصحي(اللغة الأم) بقلم/ خلود محمد عاشور.

ألم الظلمة
ألم الظلمة

ألم الظلمة

مرحبًا أنا يوسف.
لا تتفحصني بعينك هكذا  يا راجل،  أشعر بعيناك تأكلني تحاول فهم أمر وحالي، قبل السماع مني،  أو قبل قراءة الكلمات التي بين يداه.
علمت ماذا أكون الآن… قد تكون أدركت هذا من النظر في عيناي،  فتجدهما لا ينظران إليك، تجدهما يتحركان في كل الاتجاهات وكأنهم على زنبيلك، لا تستقران على موضع جلستك، لأني لا أراك أصلًا …. انتظر أنا جائع سأذهب للمطبخ، اجلب بعض الفواكه،  وأعود.
ها قد وقفت.
تأكدت الآن أني لا أراك؟! لأنك رأيت بحثي عن الحائط لأهتدي به في ظلامي الدائم،  ذاك الملعون…. ولكن يا هذا … نعم هذا! لا تتعجب،  فأنت انقدت لفضولك فجلبك لهنا لتجلس أمامي أقص عليك ألمي في تلك السطور،  فكنت معي حاضرًا، ومشاركًا في الحدث.
دعني أكمل لك ابتلائي… أنا ذاكرتي سريعة النسيان… للأسف أنا لا اتذكر مكان الحائط… دلني يا هذا… أين الحائط.
اااااه! وقعت، لا تبكي، فابتلائي عظيم، ولكن أجري أعظم.
ليس لي ما أرى به بسبب ألم الظلمة، وليس لدي ذاكرة تحفظ ما تلمسه يدي في ظلامي الدائم،  دومًا ذاكرتي لا تسعفني… أنه لمن المحزن!
ها قد وقفت،  واستندت على الحائط،  دعك من هذا،  سأجلب طبق الفاكهة،  وأعود سريعًا لأقص عليك ظلامي.
الحمد لله وصلت له يدي.
تدري لمَ أُصرف في تناول الفاكهة؟
هذا لأنني…. أشعر ألم الظلمة
لحظة سأستند على الجدار قبل أن أنسى مكانه،  فذاكرتي لعينة.
ها قد وصلت إليه…. أنا اتناولها لأنني على نظام غذائي،  لتقليل الوزن،  فأنا لا أخرج من البيت،  ولا أتحرك كثيرًا.
اجلس كما جلست أنا،  أشعر بك أمامي.
اغمض عيناك واستمع إلي بقلبك.
أنا لم أُولد كفيف،  ولكن طبيب ملعون لم يخبر أمي حينما أنهيت مدتي على جهاز التنفس الصناعي في حضانة الأطفال،  أن تذهب بي للطبيب العيون للفصح،  فزاد النزيف على عيني،  فأصبحت كفيف!
لا تُغير ملامح وجهك للإشفاق علي… أنا بخير أكثر منك.
اعتذر عن تمددي هذا أمامك،  ولكني في بيتي،  وأنت فضولك الذي جلبك لهنا.
دعني أخبرك بشيء،  لي معلمة،  صوتها يشعر قلبي بالحياة، يشعر قلبي أنها حي،  وليس به عطب.
صوتها يشبه السكينة التي تمس قلب المبتلى في أعز ما يملك،  فيسكن ويهدأ،  وكأنما لم يكن شيء،  تشبه تقبيل تراب الوطن بعد التحرير،  تشبه سماع صوت خرير الماء في الفلاة لظمأن…. تشبه… تشبه نفسها،  نفسها فقط.
أتدري؟ لا يهمني إن كانت بشعة ال ملامح أم جميلتها… لا يهمني إن كانت في العشرين أم بالسبعين، والأدهى… أنني لا يهمني إن كانت أنثى أصلا.

ألم الظلمة

فقط يهمني ذاك الهمس المطمئن،  فأنا دوما من يقوم بدور ” أنا هنا،  أنا بجوارك ،سنتخطها معا،  ولكن لا أحد يقوم بهذا سواها… هي فقط.
هي كانت حيث يهملك الأهل والصديق… فقط هي.
لحظة! سأضيئ لك الغرفة، فأنا أكره الظلام، فلا أريد لك كرهه مثلي.
اللعنة! لا اتذكر مكان مكبس الكهرباء.
ها قد وقفت سأبحث عنه وأُضيئه ،  ولكن من أنت؟
أنا… أنا قارئ تلك الكلمات بسبب ألم الظلمة، ذاك الذي قاده فضوله لهذه.
شششش، ها قد تذكرتك،  انتظر،  ولا تأخذها علي، فأنا ذاكرتي تخونني دوما،  كما خانتني عيناي من قبل،  وتظل تخونني دوما وكل يوم.
أين المكبس؟ اللعنة! أين هو… اي…..
لاااااا…. اااااه…. لم أُعاقب على ما ليس لي به يد؟ لمَ ؟
دوما كانت تحذرني أمي من الكهرباء،  ولكني والله نسيت أن تلك الغرفة مكشوف مكبسها…. دوما كانت أمي تقول حينما تمسك بك الكهرباء لن تتركك إلا وأنت جثة هامدة ملقاه علي الأرض.
ها هي تفعل،  ولكن لمَ أُعاقب… أُعاقب على أنني كفيف… أُعاقب على ذاكرة لعينة…. أُعاقب…. أُعاقب على أنني انسان وُلد وسط وحوش لا ترحم الكفيف،  يأكلونه بأعينهم،  يعايرون أمي بي،  يمزحون مع أبي بذكري،  أُعاقب أنني ولدت وسط عقول متخلفة… عقول ريفية،  ليست الوظيفة هي العمل في الأرض والزراعة،  ولكن العقول هي عقول ريفية متخلفة… حقيرة.
ها قد تركت لكم الدنيا،  تمتعوا فيها كما تشاؤون،  وعند الله  تجتمع الخصوم… لن أغفر لمن أبكى أمي،  ومن كسر خاطر أبي… ومن أبكى عيناي لشيء لا يد لي فيه.
انتهت قصة ألم الظلمة نتمني أن تنال إعجابكم زوارنا الكرام.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!