قصص وروايات

رواية وصال الروح

وصال الروح

بقلم/ أسماء طه

وصال الروح

رساله إلى رفيقي المجهول بعنوان”متي يحينُ اللِّقاء”*
السلام عليكم…
وألقيت عليك السلام، كيف حالُكَ يا رفيق دربي؟!
أتمني أن تكون بخير، أودُّ اخبارك ببعض الأشياء التي تحدث في عالم المحطم هذا من دونك،
يزداد العالم سوءًا معي كل يوم، لا يحبني أحدٌ، تضْربُني الدنيا كل يوم ضربة موجعة، لا أقدرُ أن أتحملها وحدي، أنتظر مجيئك بفارغ الصبر؛ لكي تُهَوِّنُ عليّا كل ما يحدث.
العالم يزداد سوءًا، ووحشةً من دونك، لا تتأخر يا عزيزي أرجوك.
كنت أودُّ اخبارك أيضًا، بأني أحفظ لكَ قلبي، وأصونَهُ لكَ.
لا أهتم بما يحدث في هذا العالم المقزز، وكلُّ يفعله أُولئك الفتيات باسم الحب، لا يعلمون أن الله لا يبارك في هذا الحب وما يفعلونه، ودائمًا ما تكون نهايه قلوبهم الكسر والتحطيم.
انا لن أضعف ولن افعل ذلك في يوم من الأيام؛ من أجلِ أن يحفظك الله لي،ويجمعنا عن قريبٍ بمشيئَتَهُ.
*حفظك اللهُ لي وزاد حبي في قلبك*
فسلام الله عليك.
بعيدٌ عني ليس بكثيرٍ من الأميال، ولكنك أقرب إلىٰ روْحي كقرب الرضيع من أُمهِ في مهده، تسكن بين ضلوعي، وأحاول أن أُخبِّئك فيها عن هذا العالم الظالمِ لكَ.
أُحسُّ بك عندما تقع في حزن ولا تجد من يهون عليك، لا تستغرب هذا فأرواحُنا متصلةٌ مع بعضها البعض، فيحسُّ كلٌ منَّا بالأخر.
لا أعلم إن كنت تُحِسُّ بيَ أم لا؟! ولكن المؤكد لي أنِّي أُحِسُّ بفرحك وحزنك سعادتك وشقائك.
أحبك يا من كُنتَ قادرًا علي أن تسمح لقلبي بأن يتحرر من هذا السجن المظلم، الذي كُنْتُ قد حبستُهُ بداخِله لسنين طويله، إلىٰ أن يأتي من يقدرُ أن يحررهُ.
*أحبك*
يشهد الجميع أني ما كنت لأقطع حبل الود بيننا، ولا لأُخاصمك، ولا لأَهْجُرَك، ولكن أنتَ من بدأت بهذا.
أنت من بدأت بتجاهُلَكَ ليَ، بدأت بهجرانك وتباعُدَك عنِّي، حاولت العديد من المرات أن أعرف ماذا حدث، وماسبب بعدُك عني؟!
ولكنك فضلت عدم إخباري، وأن ترحل في صمت.
رحلت وتركتني، أُصيبْتُ ببعض التعب والأذى في البداية، ولكن أصبحتُ الأن في أفضل حالٍ، أُحَاطُ ببعض الناس الجيدين في حياتي، ٱلذين هوَّنوا عليَّا بعدك عني، ووقفوا بجانبي، كانوا مصدر دعم ليَ.
أصبحتُ بسبب وجودهم بجانبي أفضل بكثير، وأنتَ كيف حالك؟!
أتوقع أنك لست بخير، لا تستغرب أني أعرف أنك لست بخير، فلا يذوقُ مرارة البعد إلا من أختار البعد، ليس من وُقِعَ عليه البعد.
أتمنى أن تذوق كلَّ التعب والأذى الذي ذُقْتَهُ لي.
أدمنتكَ وأصبحتَ شيئًا أساسيًا في حياتي، أصبحتَ ساكنًا في قلبيَ، كسكون الدخان في رئة المدخن.
أصبحتَ كالهواء الذي أتنفسهُ، والذي يسكنُ رئتاي، لا أقدرُ أن أظَلَّ يومًا من دونك، أو يفوتَ يومًا بدون لقائنا.
قابلتني، ووجدتني مبعثرةً، فاستطعتَ لمْلمَتَ شتاتي؛لذلك أصبحتَ ليَ كلَّ شيئٍ.
لم أقدرْ أن يحظىٰ أحدٌ بهذه المكانةِ عندي، ولا أن أُدْمِنَ وجودَ شخصٍ بهذه الطريقةِ في حياتي.
أتمنىٰ أن تكون تبادِلني نفس هذا الشعورَ والإحساسَ، أنتَ من أوصلْتَنِيَ إلىٰ أن أُشعر هذا الشعور، فكيف لا تبادلني إياه؟!
أودُّ أن تبقىٰ في حياتي، إلىٰ أن يتوفانيَ الله، فأنا لا أقدرُ علىٰ غيابكَ.
لقد أدمنتُكَ..
عشقتك، وعشقك دار بقلبي فكنت لي خير منيرًا لدربي.
أصبحت ليَ نعم اللجوءِ والسندِ، كنْتَ خير مُعينٍ ليَ، أنرتَ دربيَ ومهَدَّتَّهُ ليَ، كان عشقُكَ قد بنيَ دارًا، وأقامَ فيها.
دارٌ بُنيتْ بحنانٍ ولطفٍ كنْتَ تُعامَلني به؛ لذلك ظلَّت راسخةٌ وقويةٌ، لا يستطيعُ أحدٌ أن يهدِمُها.
جئْتَ والقلب معتم منطفئٌ، لا يستطيع أن يسكُنَهُ أحدٌ؛ لكثرةِ الخراب والدمارِ الذي كان يعمُّهُ، عافَرَتَ وحاولت أن تسكُنَ فيه، ونجحتَ في ذلك.
استعطت تحويل هذا القلب من قلبٍ منطفئٍ ويعاني من الأوجاع، إلىٰ قلب مليئ بحبك وحُبَّ سكونك فيه.
فمرحبًا بك ومرحبًا بدارك، يا من أنرت لي دربي.
.
أرىٰ إن سكن الفؤاد قلبها ،ماذا سيحدث إن رأيتها؟!
سيشتاق لها بالتأكيد ويُهروِلُ إليها مسرعًا؛ ليأخُذها في حضنِهِ، وسيُحاوِلُ إحتواءٕ جميع أعضائِها إلىٰ قلبه، سيُخَبِّئُها عن العالم؛ لتكونَ ملكًا لهُ وحدُهْ، سيُخبرُها عن مدىٰ حبُّهُ لها، عن مدىٰ اشتياقِهِ لها، عن مدىٰ وحاشةِ هذا العالم من دونِها.
سيضُمُّها ضمةً أخرىٰ إليهِ؛ ليعوضُها عن ما قابلته من آذىٰ وألم في حياتِها، ضمةٌ تُطَمْئِنُها، تخبِرُها أنها قامت بإختيار شخصٍ سيُعَّوِضُها عن كلَّ شيئٍ.
 ظننتُ أني كنتُ قادره علىٰ نسيانه، واجتياز حبِّي له، وأنِّي سكونُ بخيرٍ في حالة عدم وجودِهِ في حياتي.
ولكن هل أقدرُ أن أنسىٰ أول مرةٍ فتختُ قلبي لأحدٍ وأحببتَهُ بصدق، لم يكن أيَّ شخص، كان ليَ نعم اللجوء والسند، أول من سكن قلبي، واستطاع أن يسكُنَهَ ويعلِّقهُ بكَ وبحُبِّكْ، ظنَّ هذا القلب فيكَ خيْرَ الظنِّ ولكنِّك خذلتَهُ.
أذقْتَهُ كلَّ أنواع السعاده، وعلىٰ غير توقعٍ منه، خزلتَهُ وأصبْتَهُ بالحزنِ والألم الشديد علىٰ فراقكَ وخزلانِكَ له.
لم يقدرْ علىٰ تجاوز هذا الخزلانِ ولا أن يضع مكانك أحدٌ إلىٰ أن تأتيَ.
فعدْ سريعًا، وسأنسىٰ كلَّ هذا، ولكن عدْ.
 سنمسك بأيدي بعضنا البعض، وسنحاول أن لَّا نفترق مهما حدث، ولن يترك أحدٌ منَّا الآخر.
مهما فرَّقتنا البلدان أو المسافات، بالتأكيد سنقابِلُ عقباتٍ كثيرةٍ، فالعالم كلُّهُ يقف في طريق حبِّنا، ولكن سنُعافر ونتحدىٰ العالمَ أجْمَعَ؛ لكي نظلُّ سويًا إلىٰ نهاية أعمارنا.
لن نترك الأقدار تفرقُّنا، سنكون أقوىٰ منها وسنتغلَّبُ عليها، بمشيئة الله.
ندعوا الله سرًا وجهرًا أن يُقَدِّرُنا أن نصلَ إلىٰ بعضنا البعض مرةً أخرىٰ.
سنلتقي مرةً أخرىٰ بالتأكيد، وسيخبرُ كلًا منّا الآخرعن ما واجه من صعوبات، وسنضحكُ علىٰ هذه الأيامِ الحزينة، التي مرت علينا، واستطاعنا تجاوُزها،
فمَا الحبُّ إلا الصادقين الوافين بالعهد، ونحن أصدقُ من أحبَّ علىٰ وجه الأرض.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!