قصص وروايات

رواية برنامج التفاصيل

برنامج ” التفاصيل”

بقلم/ شهد كمال

الحلقة الأولى

3 2 1 هوااا
مَساء الخير سادتي سيداتي وأهلًا ومرحبًا بكُم في برنامج جديد يأتيكُم بواسطة قناة اللؤلؤة ومعكُم أنا شمس هلال كامل آتيكُم في الثامنة مساءً مِن كُلّ أسبوع بِـ برنامج التفاصيل…
اليوم حِكايتنا لا تُصدّق ولا يستطيع عقلٌ بشري أن يُقر بها ولكن تلك هيَ الدنيا وإنها هي الحياة.
حياتنا مليئة بالعجائب ومنها حِكاية آية.. آية فتاة هادئة _نوعًا ما_ هيَ الرابعة في الترتيب بين أشقائها _من أصل تسع_ وكما قالت لنا أنها التي تخلّ عنها أبواها كيف ولماذا ومتىٰ..ستكون معنا آية الآن لتُحدثنا عن ما حدث..!
-مرحبًا يا آية

-مرحبًا بكِ أستاذة شمس..في البداية أريد أن أقول أنني سعيدة بوجودي معكِ
-شُكرًا حقًا شُكرًا لكِ آية.. أخبريني كيف تخلّ عنكِ أبواكِ كما تدّعين
-إنها الحقيقة..لقد كُنّا في الأسكندرية وحينها أقبل عليّ والدي وقال لي:آية لقد كبرتِ الآن ونما عقلك،أريد منكِ حبيبَتي التحلّي بالشجاعة والعودة إلى المنزل بمفردكِ لحاجاتنا إلى تلك الأشياء_وقدّم إليّ ورقة دُوّن عليها ما يحتاجه أبي_
-أنتِ تمزحين، هذا مُحال، وكم كان عُمرُكِ حينها؟

-كُنتُ في الحادية عشر من العمر
-ألستِ قاهرية الأصل،هذا مُحال
-نعم نحن من سكَنة حَي السيدة عائشة
-حسنًا،وماذا حدث؟هل حقًا ذهبتِ
-في الحقيقة أنني أخبرته أنني أخشى أن أضلّ الطريق ولكنه طمأنني أنه سيُتابعني بالهاتف
-مُحال يا آية ما تهذين به، فالمسافة بين المدينتين _أي الأسكندرية والقاهرة_ تتعدى الستّ ساعات..أي أبٍ يترك ابنته ذات الإحدى عشر ربيعًا لتذهب وحيدةً تلك المسافة
-أقسمُ لكِ أنّ هذا ما حدث _وگ عادتي أنا لا أرفض لوالداي أمرًا_ وبالفعل سار أبي معي إلى الحافلة واطمئن أنّ الحافلة قد انطلقت ومِن ثَمّ أن قطع وسائل التواصل بي
-وكيف هذا

-لقد أغلق جميع الهواتف التي قد يمكنني أن أصل إليهم بها
-وماذا فعلتِ عندما ترجلتِ من الحافلة
-لم أعتد منظر الطريق الذي صِرتُ فيه وعندما قُمت بسؤال أحد المارة فأخبرني أنني في مدينة نجع حمادي بمحافظة قنا
أردفت المذيعة بذهول:تمزحين أليس كذلك!
تساقطت الدموع من عينيْ آية گ تساقُط قطرات المياه من ورقة شجرٍ إثر هطول المطر وأردفت: أنا لا أمزح، أتعلمين حينها كُنت أتمنى أن أكون في حُلُم لم أستطع التصديق سوىٰ بعد فترة كبيرة وعندما استعدتُ تفكيري حاولت الوصول إلى ما يجب عليّ فعله ولك..

-أعتذر لكِ على المقاطعة آية ولكن باغتتنا أسئلة كثيرة على حسابُنا على مواقع التواصل الاجتماعي يسألونكِ فيها لماذا لم تحاولي أن تعودي بنفس الحافلة إلى الأسكندرية
-حينئذٍ لم أكُن مدركة ما فعله أبي، كُنت في حالة اللاوعي ولم أفق من تلك الحالة إلا حينما سرق أحدهم مني حقيبتي، وكيف لي أن أعود بلا مال.. حينها لم تحتمل الفتاة ذات الإحدى عشر ربيعًا.. نعم إنها أنا لم أحتمل ما حدث وأطلقت صرخاتي گ البلهاء اللتي لا تعي ماهيتها

-ولكن لمَا لمْ تستميلي أحد السائقين لِيُعيدكِ إلى الأسكندرية
-أخبرتكِ من ذي قبل أنني فتاة هادئةٌ خَجِلةُ الطبع فليست لديّ القدرة أن أفعل ذلك
-ولكنه لَـ أمرٌ واقع ويجب عليكِ أن تقومي بعمل أي شيء وإلا لن تجدي سوىٰ القطط لتنامي برفقتها
-نعم إن حديثُك في منتهى الصواب، ولكن سَها عنكِ أنني كنتُ لا أزالُ طفلةً وبالفعل مرّ الوقت وأسدل الظلام ظِلَّه وتخطّت الساعة الثانية عشر ليلًا وبما أني في مدينة من مُدن الصَّعيد ففي ذلك الوقت الكُل نيام والطريقُ خالي سوىٰ من صرير الهدوء..تلحفني الخوف فلم أستطع أن أغمض جفني ومضى الليل بأكمله وأنا أتلفت عن يميني وعن يساري ومِن ثَمّ أن ضجّت الطرق بالناس ثم اقترب أحدهم مني فانتفض جسدي خوفًا فرتّب على كتِفيّ وأردف بنبرة هادئة: لا تخافي يا حبيبَتي، أين أباكِ

شاهد:رواية المراهق – دوستويفسكي
-أبي! _ومِن ثَمّ أنِ ابتسمْتُ بسخرية_ لقد تخلّ عني
-كيف هذا يا صغيرَتي،هيا معي إلى منزلي ولنرى ما سيحدث وبالفعل ذهبتُ معه وشاركني طعامه واتضح لي أنه طالب جامعيْ يعيش وحيدًا بعد وفاة والداه ومِن ثَمّ أن دلّني على غرفة لأنام فيها وبالفعل حين رأيت الفراش لم أستطع أن أفكر في شيء وخلدت إلى نومٍ عميق

-كيف تستطيعين أن تنامي بوجود شاب معكِ بنفس المنزل، كيف سمحتِ لنفسك
-لا أعلم،ولكن هذا ما حدث،مرّ يومان على وجودي برفقة هيثَم وفي اليوم الثالث جائته خالته لتزوره وحين رأتني صرخت بوجهه وقالت من هذه،حاول أن يُهدئ من روعها ولكن كان الآوان قد فات فقد التقطت خالته كتِفيْ في يديها وأخرجتني وأغلقت الباب.. تدحرجت الدموع تدحْرج الحجارة من سفح أحد الجبال وهبطت الدرج بقلبٍ مكلوم، سِرتُ في هذا الشارع وأيضًا سلكتُ الآخر أعتقد أنني في نهاية اليوم جُبت شوارع نجع حمادي بأكملها وفي النهاية جلستُ مُستندةً برأسي على حائط وأحاول جهدًا مقوامة النوم ولكنني كنت متعبة جدًا فغلبني النوم وذهبت في سُباتٍ عميق لم أستيقظ منه إلا عندما شعرت أن هناك أحدٌ ما يجلس بجانبي فوجدتها سيدةً تبدو من هيئتها أنها في الخمسين من العمر
فاقتربت مني وقالت: هيا ألن تعودي إلى منزلك

فارتفع أحد كتفيْ وقلت لا لن أعود
-أعتذر لكِ على المقاطعة ولكن لماذا لم يُعيدُكِ هيثم إلى منزلك
-أنا لا أريد العودة فقد تخلّ عني أبي
أطلقت شمس تنهيدة وقالت: حسنًا يا آية فلتُكملي
-حسنًا، عندها قالت لي السيدة ولماذا! أتنوين النوم هنا
فأجبت:نعم فليس لديّ مكان آخر
فابتسمت بمكر وقالت حسن، فلتذهبي معي
-إلى أين

-إلى منزلي،هيا وبالفعل ذهبت معها وحينما دلفت إلى منزلها ذُهلت من كثرة الأطفال التي توجد هناك،كيف لمنزلٍ أن يتحمل الجميع ولكن ما باليد حيلة وقد تأخر الوقت فخلدت إلى النوم برفقة البقية وعند بزوغ الشمس استيقظت بسبب ارتفاع صوتها وقالت: لقد دلف إلى عائلتنا فردان جديدين هما آية ومروان فلترحبوا بهم.. تصافَح الجميع وبعد ذلك أردفت السيدة: جميعكم تعلمون أنكم بدوني لن تستطيعوا فعل شيء،أنتم بدوني گ الجِراء التي تبحث عن أبائها ولذلك يجب عليكم أن تطيعوني،أريد من آية ومروان أن يترجلا مع زملائهم ويذهبوا للبحث عن المال بأيّةِ طرق ولكن كيف مثل ما قلت بأي طريقة _سواء أكانت شريفة أم لا_ لا يهم أتفهمان
-وماذا فعلتِ حينئذٍ يا آية
-لقد حاولتُ أن أركض بكل ما أوتيت من قوة وعندما وصلت إلى هيثم احتضنني وكأنه وجد ضالته وبعد مرور الكثير من الأيام أخذني هيثم من يدي وأعطاني لدار الرعاية ولم يكفّ أبدًا عن زيارتي..كبرت وأصبحت فتاةً ناضجة ومِن ثَمّ أن تزوجتُ هيثم
-ووالداكِ
-لم أعلم عنهما شيئًا ولا أريد أن أعلم
أطلقت شمس تنهيدة أخرى وأردفت:شُكرًا لكِ آية وشُكرًا لكُم مُتابعينا على حُسن المتابعة،انتظروني الأسبوع القادم مع حكاية أخر،إلى اللقاء

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!