قصص وروايات

رواية موت بطيئ

جدول المحتويات

رواية موت بطيئ

أسرعت القوات لمكان الحادث المُبلّغْ عنه للتو، وبعد طول بحث، في المكان عن أي وسيلة للجريمة، أو دافع لها، ولكن بائت المحاولة بالفشل، والبحث كذلك إلا من شئ واحد فقط، ولكنه بكلّ الأدلة، كان الأدلة …. كان ورقة….. ورقة بخطٍ مبعثر، كُتب بسرعة مبالغ، حتى اختطلت الأحرف ببعضها، فشَقت على قارئها فهمها. …ولكن إذا كان قارئها ميشيل حايك، فلن تأخذ في أصابعه بضع دقائق.

مرحبًا أنا زون، هولنديّ الأصل، كنديّ الجنسية فى عامي السابع والعشرين.
رُبيت في ضواحي كندا، يتيم الأب، وأم غاية في الجمال، ولم تجد وسيلة للرزق غيره!!!!
مسيحيّ الديانة، ولكن هذا لا يمسّها بسوء، فالغث والثمين في ديانة واحدة.
لديّ من الإخوة الكثيرين…. شرعيين وغير شرعيين!!!!

لا أدري أكنت ابنًا شرعي أم لا، ولكن اختلط في رحم أميّ الشرعي وغير الشرعي!!! ، ولكني كنت أصبر نفسي بأنني شرعي، كنت مهمتمًا بالسياسة وأمور الدولة كثيرًا، لا أعلم لمَ، فأنا على كل حال لا أجيد سوى الكتابة الردئية والقراءة ، ولكني كنت أجيد الإستماع و التحليل الجيد، وأيضًا التذكر، وامتلك أذن لا يعجز عليها دبيب النمل، وعلاوة على كل هذا أملك قدرة إقناع رهيبة، ولسان قادر على تزيين السُم، وكأنه دواء من مرض عقيم!
وليّ حظٌ من الياقوت.

ضيق ميشيل حايك ما بين حاجبيه، وانكمشت ملامح وجهه جميعها، وأخذ يتسأل في نفسه أ كل هذه النعم، وكانت تلك نهايته؟!…. أو ربما وجودها كان السبب في نهايته.
أفاق من سؤاله، وأكمل قراءة… حيث كان؛
عملت كل أعمال الخُبث، والسئ منها بصفتي ابن……… فمن الطبيعي أن أكن في ذات مستنقع أمي…. ولكن لمهارتي، ولحظي الياقوتيّ، رأني أحدهم- ذات السلطة السياسية العملاقة، والمال والنفوذ والجاه- ورأي فيّ ما يريد، ولكنه لم يكن من كندا، كان أمريكي الجنسية، وسياسيّ في البرلمان، ولطالما أختارني أنا، فكنت مضطرًا لأكون سياسي في أمريكا!! ولكن سياسي من أسفل الطاولة.

استفرغ ميشيل ما بفمه من القهوة، وأردف: خائن وعميل!!!! وأسفيّ!
أكمل القراءة
نعم…. عميل وخائن، اعتدل ميشيل في جلسته، وتحنح قليلًا، ثم تابع القراءة
أعلم أنه لن يفك تلك الشفرات غيرك يا ميشيل!

شاهد:رواية لعبة الموت
فألقى ميشيل من بين أناملة الورق، وسكب ما تبقى من القهوة في حلقه، وعاد بظهره للوراء، يريد تجميع قواه، ولكن فضوله في معرفة المزيد لم يدعه يُعيد تجميع قواه، فأمسكها ثانية وتابع القراءة حتى يؤكد لنفسه أنها ليست إلا تنبوءات من ذاك الرجل.

ميشيل! يهودي الديانة، المخلص لكندا بكل قواه، أُرحب بك في سيرتي الذاتية.
هز ميشيل رأسه، وكأن يحدثه بالفعل، وتابع
كتبها خصيص بطريقة معينة لتقرأها أنت وحدك، وهذا لأنك كنت محض دراستي من فترة ليست ببعيدة، ومن دراستي – كان عينيّ ميشيل تمر بين الأسطر سريعًا لتُهدّأ من روعه- توصلت إلى الكثير، حتى الذي لا تعرفه عن نفسك!!
ضرب ميشيل بقبضته على الطاولة، وسبه بالسبة المعروفة للابن غير الشرعي…. يا ابن ال******
تابع القراءة
عملت مع هذا السياسي، وما كنت أمانع أبدًا لأمر يطلبه مني، حتى وإن كان تقديم أمي هدية! أو ربما جارية، فما قدمه لي هو ما أوده، فقدمت إليه ما يريد وزياد، وما رَضيت بأقل من ذراعه اليمنى، والقرب منه حتى أكثر من ابنه، عملت كجاسوس، ولكن ليس كأي جاسوس…. جاسوس يدخل ويخرج من البلدة بدون ترك أي أثر يدل عليه أبدًا، جاسوس عتيد، لا يأبه بأي شئ، سوى رضى سيده.

كونت عصابات، وكنت أنا مدربها، سعينا في الأرض فسادًا وتجسسًا، حتى أرهقناه، وكنت أنا أكثر المرْهقين، وبعقلي كانت أكثر المعلومات، حتى أصبحت خطرا عليهم، فقرروا إبعادي، وتخلص مني، ولمكانتي لديهم، وتعنتي في رفض إبعادي عن مكانتي، قرروا قتلي، وليتهم فعلوا! ولكنهم اختاروا طريقة تجعلك تختاره أنت… موت بطيئ

موت يتم فيه عزلك باختيارك أنت، فيه يتم خيانة صديق، مفارقة حبيب، ذم متوالٍ، مدح معدوم، عيوب ظاهرة، إيضاح كل السئ حولك، انعدام تقدير، صدمات متوالية، تشكيك في دين، زعزت الثقة بنفسك، وإجبارك على ايذاء نفسك والتمتع بهذا، ومن ثم بغض نفسك أشد البغض.
فتكن مخير بين الحياة والموت، فتختر الموت لترتاح، فتفعل كما فعلت أنا!
كم أن مقاومة نفوسنا للسئ أهش من مقاومة قشة في مهب الريح!
انتظر يا ميشيل موتك سيكون كموتي… موتك سيكون باختيارك منتحرًا!!!!

السيادات والسادة أعلنت السلطات الكندية اليوم، وفاة الضابط ميشيل حايك انتحارًا، وستقام له جنازة عسكرية شكرًا على جهوده”
وسنوفيكم بالأخبار العاجلة دائمًا، ونتمنى أن تكون سارة.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!