قصص وروايات

رواية مِنَ القاع كاملة

جدول المحتويات

مِنَ القاع

“سَيدَاتِي، سَادَاتِي القُرَّاء”
بَعد الألَم، والصَبر………
أُحَدِثكُم اللّيلَة مِنْ أعمَاق حُزنِي، وَسط حطامِي وآشْلَائِي، وَ أرجُو مِن سِيَادَتِكُم عَدَم الإِكْتِرَاث كَالعَادة.
••••••••
“تِلك الرَوح القَابِعة هُنَا وَسَط الظلَام النّقي، لَا يَغمُرهَا النّدم كَونُهَا هُنَاك بِمُفرَدِهَا وَحِيدة، حَبِيسَة الظَلام وأَفكَارهَا السَودَاوِيّة، بَل ارتياحٌ عَمّ جَسدهَا بِمُجَرَد رَحِيلهَا، حَيث لَا تُوجَد أَدنَي فُرصة لِ النِفَاق ، و الخِدَاع، و الكُره و…….
لَمْ تَسْتَغرِق وَقتاً لِ الوُصُول لِتِلكَ البُقعة المُقدّسة، بَل بَذلت أقصَي مَا بِوسعهَا، واستُنِزفَت كُل طَاقَتِهَا مُحَالةً البُعدَ عمّا يُصِيب ذَاتِهَا.

لَا بَأس لَيسَت أوّل مَرّة……وَ لَكِن يَبدُو أنّهَا الأخِيرَة، فَقَد وَصَلتْ إِلَي القَاع.
نَعَم يُؤلمُهَا الحَنِين دَائِما…….لَكِن يَغلبهُ ضَعفهَا، فَلَا تَقوَ عَلَي البقَاء، وَ لَا العودة.
تَتَعَجب مِمّا آلت إِليهِ الأُمُور، لَكِن لَا يُسحِرهَا العَحَب.
مُلقَاةٌ هُنَا فِي تِلكَ البُقعة، تُرَاقِبهُم بِذهُولٍ تَامٍ.

“-مَهلاً، هَل مَازلتُم مَعِي!”

أَ تحلُو لَكُمْ وحدَتِي، وَ يَرُوق لَكُم ظَلَامِي وَ حُطَامِي!
عفواً، أُحَاوِل النَوم، هَلّا ابتَعدتَ كَثِيراً مِنْ هُنَا!
هَلّا فَارقتُم عن روحِي!
أشتّم خَلَايَاكُم الخَبِيثَة فِي كُل مَكَان، بِتُّ أختَنق، أين المفر مِنكُم!
سَلبتُم كُل الحُب وَ الطمأنِينة، سَلبتُم كُل مَا تَبقّي مِن رَوحٍ بَرِيئة.
•ذَلِك اليُوم اللذِي اصطدم بِي أحدَهم، وَ نعَانِي بِالغبية.
-نعم غَبِية، كَونِي مَازِلت هُنا، كَونِي مَازِلت أهبُ وَ أُعطِي، كَونِي مَازِلتُ أُسَامِح وَ أُحب.

•ذَلِك اليوم أيضاً، اصطدم بِي أحدهم، وَ مِن شِدة الصدمَة سَقَطَ قَلبِي، وَ اخترقَتْ عيناه شَرايين جسدِي.
مَرِضتُّ حِينُهَا، و اضطربت عَلَامَاتِي الحَيَوِية، وَ لَكِن رَغم سَلبه لِقلبِي مَازِلتُ عَلَي قيدِ الحَيَاة.
يَومَهَا اعتذر مِنّي، وَ رَحَل، لم افهَم حِينُها عَلَامَ يَعتَذِر، اكتَشفتُ أنّه كَان يَعتَذِر عَن السَرِقة، و لَكنّي سَامحتُه حِينُهَا.

كَ عَادَتِي أُعَانِي صُعُوبُة النِسيَان، وَ لِذَلك مَازِلتُ أتَذَكّرُ عَينَاه اللبنيتَان كَ البَحر فِ سِحره وَ غُمَوضِه.
نَعَم، غَرِقتُ وَ لَا أُرِيدُ النّجَاة، أستلذُ الغَرَق بين أحضَان أموَاجِه.
مَرّ مِنَ الزّمَنِ مَا مَرّ، وَ لكنّي مَازِلت أسِيرة أموَاجِه.

ذَلِكَ المَكَان عَلي النَاصِية “قَهوَة العُشّاق”لَم يَخطُر بِبَالِي يَوماً أن اكون بَين جَالِسِيهَا وَ عُشّاقِها؛ وَ لَكِنّي جَلستُ و أيضاً عَشِقت.

شاهد:رواية لعبة الموت

رَأيتُه مُختلِفاً عنهُم، خَالِياً مِن نِفَاقِهم وَ قَسوَتِهم، رَأيتُ فِيه الأَمَان.

رَاوَدنِي شُعُور بِأنّي سَأَرَاهُ أيضاً، أَ عَاشِقٌ هُو لِيجلس هُنَا؟

مُمسكاً بِتِلك الرِوَاية، هَائِماً بَينَ حُرُوفِهَا، أنَا هُنَا جِئتُ أتفقد قَلبِي، كَيف حَالك، يَا كُلّ حَالِي، وَ آمَالِي، وَ مَلَاذِي؟
لَمْ أدرِ بِنفسِي إلّا وَ أنَا أَمَامَهُ، وَ شَوقِي بَادٍ عَليّ.
……………..
مَرت سَاعةٌ لَم أدرِ كيف، مَذَاق قَهوتَهُ مَازَال بِشَفتَاي، صَوت فَيرُزَتَهُ مَازَال يَعُم المكَان.

سَاعةٌ كَ اَول سَاعة بَعدَ المِيلَاد، كَ أَول شُعُورٍ بِالأَمَان.

تَكَرَرَت المرَّات، كَيفَ لِ المَرءِ أن يُولَدَ عِدة مَرَّات!

نَشربُ نَفس القَهوة، نقرأُ نَفس الكِتَاب، نَبتسم عِند بَعضِ العِبَارَات…….
وَ نستمع أيضاً لِفيرُوز .
………….

كَان لَابُدّ لذِلك اليوم أن يَأتِي، “فَلِكُل جَمِيلٍ نِهَاية”.
شَعرت بِأن قَلبِي لَيس عَلَي مَا يُرَام، رَأيتُ الشمَاتة فِي وُجُوه مَن حَولِي، أَ أصبتمُوه بِمرضِكم الخَبِيث!

لَو أن عَينَاه لَمْ تَكُن بِلَونِ البَحرِ لَمَا غَرِقت!

وَ كَمَا اعتدت أن ألقَاه بِذلِك المَكَان، صَوت فيرُوز كَان أيضاً يَعُمُّ المَكَان”تِذكُر آخِر مرّة شفتَك سِنتا،
وَ مَاعِدت شفتك، و هَلّا شفتَك، كِيفكَ أنتَ! مَلّا أنتَ، بِيجِي عَلَي بَالِي نِرجَع أنَا وِ اياك……”
و هَلَا شوفتك……غِصة اصابتنِي، كَ الغَرِيب رَأيتُك، لَمْ أعرفك، هَدأت أموَاج عَينك، خَمَدَ حُبّك لِي!
-جِئتُ لِأَرُدّ مَا أخذت.

لَمْ يَقُل كَلِمة آخرَي، بِهذه البِسَاطة، تَردّ قَلبِي، مَازَال يَنبُض لَكْ.
مَا عَاد يفِيد بِشئٍ غَيرَ ضَخ دم محمُل بِالألَمِ، وَ ثَانِي أُكسِيد الحُزن. وَ بَعض كُرَات الخِذلَان الحَمرَاء، وأيضاً كُرَات الفرَاق البيضَاء، وَالعَدِيد مِن الخَيبَات.

أجَل هَكذَا هُم البَشَر، بِلَا استثناء.
لَا خَير فِي أَحدٍ، لَا خَيرَ إلّا بِذَاتِك.
••••••••
اعتذر عَن ذِكر بَعض الاسبَاب عن مَرضِي، مَجَازاً فِي الكَلام…….
“فِالوِحدة خِير مَأوي، و الاكتئاب خَيرُ صَدِيق”
مَازِلتُ هُنا فِ القَاع……”

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!