قصص وروايات

رواية نهايتي قصة قصيرة كاملة

القصة القصيرة “نهايتي”

بقلم/فاطمه الجندي

*نهايتي*

“في كُل مكان بروحلك وشوقي ياخُدني ليك ، يمكن بالصُدفة اقابلك ولا اطمن عليك” ..

وفي تِلك الليلة أتاها ما لا تتوقع أن يأتيها يوماً ، يبدوا أن عقلها يأس إنتظاره ولم يعُد يترقبه من جديد !
_ جائها فارداً ذِراعية مُبتسِماً ، ينظُر إليها بُحب فقدتُه منه كثيراً ، كان يظُن بأنها ستُبادِله نفس الشعور ! ، ولا يُلقي بالاً عما حل بها في بُعده ، وكم من أشخاصٍ عبروا حياتها ، وكم من شعور أمتلئ به هذا القلب

وكم من وجه أتقنته كي تتظاهر بأنها بخير ، وأنها تستطيع العيش بمُفردها دون أن يبقي معها أحد ! ، حاوطت علي قلبها كثيراً كي لا يشعُر بأنه تائِهه ويقبل بأي روح تتسكع بـالفراغ داخِله .
تأملتُه جيداً علي أمل أن نظرها قد يخونها هذة المرة ، لكِنها تَسمرت مكانِها عِندما تلقت منه كلمة لم تَسمعها مُنذ “6” سنواتٍ علي الأقل !

_”يهان” شكلك إتغير اوي !
=بس إنتي يا “رؤي” شكلك متغريش كتير ، لسة زي ما أنتي حلوة ، ولسة قلبي بيدق كُل ما بيشوفِك زي زمان وكأني بشوفِك لأول مرة ، ولسة في عيونك السحر اللي مالقتهوش في آي واحدة غيرك ، ومُتأكِد أن مُستحيل ألاقيه

_أنت لسة فاكرني أزاي بعد كُل الوقت دا ! ، وكُنت فين ولية محاولتش توصلي ؟
=يا “رؤي” لو عيني نسيتك ودا مُستحيل ، قلبي اللي حُبك ماليه وعايش عليه ، عمره ما هينساكي .. !

طالت لحظات الصمت وكلاً منهما يرجع إلي الوراء بِذاكرته يستعيد أجمل ما بها من ذكريات .
“يهان” تُحدثه نفسه : ليت الزمن يعود ، ليتني استطيع الان ان اعرف هل قلبك خالي ! ام لا ؟ ، أرغب بأن أرتمي به أستعيدُه ثانيةٍ ، طالما كان مَسكني ومطرحي مُنذ زمنٍ فات .

=أنا أشتريت العربية اللي كان نفسك فيها يا “رؤي” .. شوفي حتي لونها أزرق زي ما كُنتي حباها ، وحاولت اجيبها نفس المُديل كمان بس معرفتش ، أن شاء الله هجيبها وانتي معايا .
دورت عليكي كتير اوي يا “رؤي” في كُل مكان ، مافيش مكان روحناله معدتش علية وسألت عليكي ، محدش وصلني ليكي ، تعبت في بُعدك اوي وتعبت من غيرك ..

عيناها الزرقاوتان اللتان عادة ما تكونان لامعتان تبدوان الليلة مشوشتين وغائِرتين يملُئهما الدموع ، يبدوا عليها الحُزن الشديد وكأن الهموم والأحزان عرفت مكانها إذن .

_انا كمان دورت عليك ، لكن من الواضح أن مافيش حد حولينا كان حابب إننا نكون مع بعض ! ، فرقونا بكُل الطُرق ، حتي قالولي انك محبتنيش ! وأنك كنت متعود بس علي وجودي ، وقالوا كمان أنك سافرت تشوف حياتك بعيد عن هنا ، وإني محاولش أسأل عليك تاني في اي مكان .. !

=ياااااه .. هتصدقي أن نفس الكلام بالظبط كان بيتقالي ؟! ، معقول احنا كنا وسط ناس عمرهم ما حبولنا الخير بالطريقة دي !! ، الله غالب ..

عيناها لازالت متسمرتين به ، وقلبها يكاد يَنعصِر حُزناً علي فُراقِهم الذي تم دون اتفاق ..
أومأت برأسها وهي تشعُر بقشعريرة تعتري جسدها وتنظُر إليه في حُزن “لا يُمكنني تخيُل .. من يقدر أن يفعل ذلك بأي احد”.. !
وكأن “يهان” يشعُر بما يدور برأسِها الأن حتي تُحدثة نفسه هي الأخرى “لقد وهبني الله ملجأك الأن وأتي بي إلي هُنا ، كي أراكي ولأبقي معِك باقي عمري ، ولن أتركك”

ماما .. ماما _وقد جاء الأخوان_
صمت “يهان” في دهشة وكأن عقله يرفُض ما يتلوا علي مسامعه ! ، انقطعت انفاسة ولم يعُد القلب ينبُض كما كان لا يتوقف مُنذ لحظات ! ، كانت ملامحة تتلوي من الألم حيثُ أخذت كلمه “ماما” تفسيراً عميقاً ينهش في كُل جُزءٍ به . تنهد ببطء خوفاً من أن يأخذ جرعة اكسجين تقضي علي الباقي منه ، وحول إنتباهه من الطفلين إلي ما تسكُن قلبه وكل جوارحه إلي “رؤي” ، ثم اغمض عينيه وقبض علي احد اطراف يدية وقال : “مين دول” ؟ ، وبدون تردُد من “رؤي” : “أولادي” ..

أحس “يهان” بلسعِه برد تنهش في عظام ظهره ، هذا ما يُسمي “العِقاب الجسدي الذاتي” ، لم يكُن بوسعه ألا يشعُر بإحساس الفُقدان للمرة الثانية ، كم كان هذا الشعور صعب حد الموت ! ، وعلي الرغم من أن لقائهم جاء صُدفه ! ، إلا أنه أخذ قدراً كافي من الأمل ، وبهذا الوقت القصير رسم حياته معها لِسنواتٍ عِدة قادِمة ..!
إستدار “يهان” وحول نظرة إلي الفراغ محاولاً إستعادة نفسة وإخراج صورة الطفلين وتِلك الكلمة المشؤمة “ماما” من رأسه ، كان يُسيطر علية كل المشاعر إلا السعادة والحظ !

شاهد:رواية ما تخشى الفشل فيه

“يهان” ، “ملك” .. نعم يا “تيتا” !
يا ولاد انا مش منبهه عليكوا ماتقولوش لخالتكوا يا “ماما” في الشارع كدة تاني ! مبتسمعوش الكلام لية يا ولاد ؟
_احنا اسفين يا تيتا خلاص مش هتتكرر تاني ، وعد ..

حملق “يهان” بأستغراب متأكد بأنه أساء الفهم ! ، وبدأ يستريح ويسترد أنفاسه ، واخيرا احس بدمه يتدفق في عروقة مرة أخري

_تعالي يا ماما سلمي علي “يهان” ، فاكراه ؟!
أيوة طبعا يا بنتي فاكراه ، عامل ايه يا “يهان” يا ابني ، طمني عنك وعن صحتك واخبارك ؟
=الحمد لله يا ست الكل انا تمام وزي الفل ودايماً كدة كل ما بشوفك قلبي بيرتاح وبطمن .
_ ربنا يبارك فيك يا ابني ، عن اذنكوا هشوف “ملك” و “يهان” ..

سُر “يهان” عِندما عرف أن لازال هُناك أمل ولازالت الحياة تُعطية فرصة ثانية ، وكأنها لا تُحزنه يوماً ! ، وكأنها بهذة الصُدفة تعتذر له عما حل به وبقلبه خلال الأيام الماضية ، ويُغفِر هو لها عما شعر به من اوجاعٍ مريره !

“رؤي” .. كُنت فاكرني أتجوزت ؟
_بصراحة اه وكُنت هموت لما قولتي إنهم “اولادك” !
هما فعلا “أولادي” من وقت ما “ملك” اختي اتوفت وهي بتولدهم وباباهم سابهم عشان يشوف حياته طبعا ! ، لان زي ما كان بيقول : أنة لسة صغير وعايز يعيش حياته اللي معشهاش مع “ملك” اختي
من وقتها وانا كرهت الرجاله والجواز ، واصريت علي إني اربيهم وابقي ام ليهم ، يعوضوني واعوضهم عن الحُب والأمان اللي اتحرمنا منه

هز رأسه نافياً بأن لِقائهم كان أكبر بكثير من أن يكون مُجرد صُدفة ، وانه أتي خصيصاً كي يُعطي قلبها الحُب والأمان الكامل لها ، ولهم أيضاً ..
=سمتيه “يهان” علي اسمي ! ، انبسط جدا علي فكرة
_ انت و”ملك” القدر فرق بيني وبينكوا تقريبا في وقت واحد ، فكانت اقل حاجة ممكن اعملها أني أنطق اساميكوا كُل ثانية ..
لكن الأيام اللي فرقتنا رجعتنا تاني ، أشعُر بأن كُل شئ سيكون علي ما يُرام .

وعندما وصلوا إلي التقاطُع في شارع الكورنيش ، كانت وجوههم يتدفق منها الدم والشعور بالسعادة كان يملؤهم . ، وكُلاً من هما يقول في نفسة : أن الفرص الضائعة تأتي عِوضاً عنها فُرص أخري اكثر جمالاً ، تجعلنا نشكُر الايام والظروف التي فرقت بيننا يوماً . ، تمكنت الأيام من جعلك الضائع والآتي ، الماضي والحاضر ، والذكري الجميلة والمستقبل معاً ! ، جعلت الأيام منك كل شئٍ عظيم حدث لي .
حقاً العوض ليس بالضرورة أن يكون أشخاصاً جُدد ! ، فرُبما يكونوا نفس الأشخاص ولكن في زمن غير الزمن ، وبمكان غير اللي كان ..

“إتقابلنا بعد عُمر وكان بقالنا سنين كتير من يوم فُرقنا مشوفتهاش” ..

#Writer_Fatma_K_Elgendy 🖤
#دعنا_نتسكع_داخل_قلبك_قليلا
“ولكن بعد ذلك ألتقيتُ بك ، وشعرتُ بأن كُل شئ سيكون علي ما يُرام” 🖤
#لمن_آمن_بأن_النهاية_الوحيدة_والأبدية_هي”#الموت”

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!